الدكتورة نادية هنري تكتب: الاستثمار لا يعني البيع… بل صون السيادة وتعظيم العائد الوطني
يمكن حماية الأصول الوطنية دون أن نغلق باب الاستثمار، فالحماية الحقيقية لا تقوم على المنع أو الانغلاق، بل على مبدأ المنفعة لا البيع. فالاستثمار الحقيقي لا يعني التنازل عن الأرض أو التفريط في الثروة، وإنما يعني تعظيم العائد منها بشروط واضحة وزمن محدد ومشاركة مصرية حقيقية تضمن استمرار السيادة واستدامة التنمية.
من يملك الأرض يملك القرار، ومن يبيعها يفقد السيادة. فالأصول المصرية ليست سلعة تُباع أو تُسيَّل وقت الأزمات المالية، بل هي ثروة أجيال متعاقبة يجب أن تبقى في يد شعبها وتحظى بإدارة رشيدة تعزز قيمتها لا أن تفرط فيها.
ولعل الوقت قد حان لإعادة التفكير في آليات أكثر عدالة وابتكارًا لجذب الاستثمار، بحيث تُربط الدفعات الاستثمارية بتحقيق مشروعات خدمية ومرافق عامة وتشغيل فعلي للعمالة المصرية، وأن تمتلك الدولة حصة ثابتة من الأرباح قبل عائد المستثمر لضمان استرداد القيمة الوطنية وحماية حقوق الأجيال القادمة.
التحفّظ أو الرفض ليس رفضًا للاستثمار في ذاته، بل هو حماية للمستقبل وتحصين للقرار الوطني. أما البيع السريع للأصول الوطنية فهو يمنح راحة مالية مؤقتة، لكنه يترك أثرًا طويل المدى يتمثل في رهن القرار والسيادة وتقليص نصيب المصريين من ثرواتهم.
الاستثمار الذي نريده هو الذي يُبنى حول الإنسان والإنتاج، لا الذي يحوّل السواحل إلى مناطق استهلاكية مغلقة تدر الأرباح لغير المصريين. الاستثمار هو شراكة واعية تحفظ للبلد قرارها، وللأجيال حقها، وللأرض كرامتها.
مصر تبني ولا تفرط، وتستثمر لا تبيع، وتحافظ على سيادتها باعتبارها خطًا أحمر لا يقبل المساومة.





















