د. نرمين نصر تكتب: التيك توك.. سطوع بلا عمق وطموح بلا وجهة

في السنوات الأخيرة، برز مصطلح "التيك توكرز" لوصف مجموعة من الشباب الذين يستخدمون تطبيق TikTok كمنصة رئيسية للظهور والتأثير، وقد تحول هؤلاء الأفراد من مجرد مستخدمين عاديين إلى نجوم رقميين يحظون بمتابعة الملايين، ويؤثرون في سلوك وثقافة شريحة واسعة من الشباب والمراهقين.
ويعرف التيك توكرز بأنهم مستخدمو تطبيق TikTok الذين ينشئون مقاطع فيديو قصيرة تتنوع بين الرقص، التمثيل، الكوميديا وغيرها وحتى مشاركة الحياة اليومية، حيث أن هذا الأمر لا يتطلب مهارات احترافية في البداية، بل يكفي هاتف محمول وبعض الإبداع، ما يجعل الوصول إلى الشهرة متاحًا للجميع تقريبًا.
ويرتبط النجاح على التيك توك بالترند، والذي هو تقليد المقاطع الرائجة مما يجعل الفيديوهات تنتشر بسرعة لما تحمله من عنصري الاثارة والغرابة، لكن وسط هذا البريق الظاهري، يثار جدل كبير حول طبيعة هذا التأثير، وجدوى هذا النوع من الشهرة السريعة، وأين تقف حدود الحرية والمسئولية في عالم التيك توك، فبينما يرى البعض أن المنصة فتحت باب الشهرة على حساب المضمون، فهناك الكثيرون ينتقدون ويرون أن بعض التيك توكرز يقدمون محتوى فارغًا، وأحيانًا مخالفًا للأخلاق والأعراف المجتمعية، فعلى سبيل المثال نرى أن الشباب أصبح مهووساً بالظهور، فأصبح متعطشاً للترويج باسم: "اعمل أي حاجة عشان تشتهر"، حتى لو كان ذلك بتقليد أعمى، أو استعراض مبالغ فيه، أو بث مباشر يحمل مضمونًا مبتذلًا أو مسيئًا، فيصبح قدوة سيئة لغيره من المتابعين.
كما بدأ الطموح الحقيقي لدى كثير من الشباب يتلاشى شيئاً فشيئاً، فأصبح حلم الكثير من المراهقين أن يصبحوا "تيك توكرز" التى صارت ترتكز على عدد المتابعين والمشاركات وسرعة الانتشار، بدلًا من الطموحات المهنية أو العلمية، وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول تشوه مفهوم النجاح لدى الأجيال الجديدة، ام نحن أمام جيل ضائع الطموح ؟.
وبرغم ما يثار من انتقادات وسلبيات تحيط بعالم التيك توك، فإن منصة TikTok كسائر الأدوات، يمكن أن يتم توظيفها بصورة بناءة، فهي فتحت المجال أمام فئة واسعة من الشباب للتعبير عن مواهبهم ونقل أفكارهم ومشاركة تجاربهم الحياتية وفي النهاية، يظل التيك توك سلاح ذو حدين، إما أن يكون منصة للتأثير الإيجابي والابداع، او منصة للضياع والانحدار، فالخيار دائماً يبدأ من الوعي والمسئولية الفردية والمجتمعية .