الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : عندما ينحاز الرئيس للحقيقه نستشعر الأمان .

إنحازالرئيس للحقيقه ووجه برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لبحث الإعتراضات على عدد من مواد مشروع القانون ، إستجابه لمناشدات عديدة لإعادة النظر في بعض مواده ، تتعلق المواد المعترض عليها بإعتبارات الحوكمة والوضوح والواقعية ، بما يوجب إعادة دراستها لتحقيق مزيد من الضمانات المقررة لحرمة المسكن ، ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق ، والمحاكمة ، وزيادة بدائل الحبس الاحتياطي للحد من اللجوء إليه ، وإزالة أي غموض في الصياغة يؤدي إلى تعدد التفسيرات أو وقوع مشاكل عند التطبيق على أرض الواقع ، وإتاحة الوقت المناسب أمام الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ الآليات والنماذج المستحدثة في مشروع القانون والإلمام بأحكامه ليتم تطبيقها بكل دقة ويسر وصولًا إلى العدالة الناجزة في إطار من الدستور والقانون .
من جانبه أعرب مجلس النواب في بيان صادر عنه ، عن ترحيبه بالإعتراض الرئاسي ، واصفًا إياه بأنه "يمثل أرقى صور ممارسة الصلاحيات الدستورية " ويعكس "وعيًا استثنائيًا بقدسية العدالة الجنائية ومكانتها في صون السلم العام " ، وبحسب البيان يأتي اعتراض الرئيس السيسي حرصًا على أن يقوم البناء التشريعي على أسس متينة من "الوضوح والإحكام والتوازن"، وضمانًا لألا تطغى مقتضيات العدالة الناجزة على ضمانات الحرية ، وقرر المجلس إعمالا باللائحة الداخلية المنظمة لأعماله ، إدراج مناقشة الإعتراض الرئاسي على رأس جدول أعمال أول جلسة عادية لمجلس النواب بدور الانعقاد العادي السادس ، والمقرر انعقادها الأربعاء الموافق الأول من أكتوبر 2025 ، أكد البيان أنه تقرر دعوة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء للحضور إلى الجلسة للإدلاء ببيان حول أسباب الاعتراض ، وسيتم إحالة الاعتراض والبيانات الخاصة به إلى "اللجنة العامة" للمجلس لدراسة المواد محل الاعتراض وأسبابه الدستورية والتشريعية وإعادة النظر فيها ، ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان دقة الصياغة التشريعية للقانون الجنائي الجديد، وصون حقوق الإنسان ، وترسيخ منظومة عدالة جنائية متكاملة .
كان لى رؤيه بحق مشروع القانون كنائب سابق بالبرلمان ، وكاتب صحفى متخصص فى الشئون السياسيه ، والبرلمانيه ، والأحزاب ، تتوافق تماما مع إعتراضات الرئيس ، وماجاء فى مضامين إعتراضات النقابات المهنيه فى القلب منهم نقابة الصحفيين ، لكن وجدت من يقول لى " لاتوجع دماغك " ، " لن تغير الكون " ، " إهدى أحسن تتفهم غلط " فتملكنى الإحباط لفتره ، وإنتابنى إحساس غريب مؤداه أننى أغرد خارج السرب ، إلى الدرجه التى معها فكرت فى الكتابه فى اللوبيا والفاصوليا والباذنجان ، لكن تنبهت أن ماقد أطرحه قد لايتوافق مع من لايتذوقون الطعام ، فأصيبوا بالضرر ، فماذا أفعل وأنا أمتهن الصحافه وليس لى خيارا وظيفيا ، ومعيشيا فى الحياه غيرها ، من أجل ذلك كانت سعادتى بموقف الرئيس لاتوصف ، هذا الموقف الرائع للرئيس فجر فى تقديرى قضية غاية فى الأهميه تتمثل فى قيمة أن يتم الأخذ بجديه ما تطرحه الصحافه ، وأن يكون عضو مجلس النواب قادر على التشريع ، ويكون المجلس نفسه مستعدا لمناقشة كافة التحفظات التى ترد إليه تعظيما للإراده الوطنيه ، إنطلاقا من أن سن القوانين يهدف بشكل أساسي إلى تنظيم المجتمع وحماية حقوق الأفراد والمجتمع ، وذلك من خلال وضع قواعد سلوكية ملزمة تعزز العدالة والسلام وتمنع الجريمة وتضارب المصالح ، كما تسعى القوانين إلى تحقيق المساواة وضمان الوصول إلى العدالة ، وبناء مؤسسات قوية وخاضعة للمساءلة في جميع المستويات وضع إطار للسلوك العام والممارسات المختلفة لضمان سير الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، وضمان حقوق الأفراد وحمايتها من أي إنتهاكات أو تدخلات ، وضمان فض النزاعات بطرق عادلة وموضوعية وتحقيق الإنصاف بين الأفراد ، ومنع الجرائم وحماية الأفراد من الأضرار التي قد تلحق بهم نتيجة لأعمال خاطئة ، وضمان أن جميع الأفراد والمؤسسات يخضعون لقوانين واضحة وعادلة ، ويتم تطبيقها بشكل متساوٍى ، وإنشاء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة تخدم الصالح العام وتدعم استقرار المجتمع ، وتوفير آليات قانونية لمواجهة المشكلات المختلفة كالفساد، والجرائم العنيفة ، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية .
تنتابنى حاله من الحزن ليقينى أن الساده النواب لم يكن لديهم إراده حقيقيه لتعظيم تلك الثوابت التى عرضتها ، مقدرا حق النواب فى التأكيد عقب موافقتهم نهائيا فى إبريل الماضى على مشروع القانون ، أنه يستهدف تحقيق العدالة الناجزة ، وهو ما يوفر على حد قولهم ضمانات أكبر للمتقاضين في عدالة منصفة ومحاكمة عادلة ، وضمانات لحق الدفاع ، بما يصب في صالح المتقاضين ، كما أنه يعد على حد قولهم نقلة نوعية فى كفالة ضمانات حقوق الإنسان فيما يخص تيسير إجراءات التقاضي وإنجاز الدعاوى دون إخلال بقواعد المحاكمة المنصفة وحقوق الدفاع ، لكنهم هم أنفسهم من وجهوا التحيه للرئيس لإعتراضه على مواد بمشروع القانون وكأنهم ليس هم من أصدروه ، فعلى مدى الأشهر الماضية كان المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي ، من أبرز المدافعين عن مشروع القانون الذي قدمته الحكومة لمجلس النواب ، ونجحت في تمريره في أبريل الماضي ، رغم الانتقادات الحادة التي طاولته من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية مصرية ونقابات ونواب معارضين ، خلال جلسة مجلسالنواب في 29 أبريل 2025، التي شهدت الموافقة على مشروع القانون الجديد ، إعتبر "فوزي" أن "مشروع القانون الجديد آلية حقيقية لتفعيل العقد الاجتماعي، ويأتي ضمن توجه القيادة السياسية لتحقيق العدالة الناجزة ، لافتًا إلى أنه يتسق مع التطور الدستوري المتقدم وحقوق الإنسان ويتماشى مع التزامات مصر الدولية "، كما أكد الوزير أن "مشروع القانون استجابة تشريعية موفقة، صادقة للاستحقاقات والضمانات الدستورية ويضعها موضع التطبيق".
فور أن قرر الرئيس رد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لإعادة دراسته من أجل تحقيق "الحوكمة والوضوح والواقعية"، وتضمين "مزيد من الضمانات المقررة لحرمة المسكن ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة، وزيادة بدائل الحبس الاحتياطي للحد من اللجوء إليه ، وإزالة أي غموض في الصياغة " ، ظهر "فوزي" في عدة مداخلات تلفزيونية للإشادة بممارسة الرئيس لصلاحيته في رفض مشروع قانون الإجراءات الجنائية ، وإعادته للمناقشة ، معتبرًا إن " اللي قام بيه السيد رئيس الجمهورية بيصب في صالح تعزيز حالة حقوق الإنسان ومزيد من الضبط والوضوح وزيادة الضمانات المتعلقة بقانون مهم زي قانون الإجراءات الجنائية " ، كما تراجع "فوزي" عن دعم مشروع القانون بشكله الحالي رغم أنه لطالما رفض مثل هذه التعليقات من جهات مثل خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، الذين أرسلو مذكرة للحكومة المصرية في نوفمبر 2024، حذروا فيها من أن مواد القانون " قد تتعارض مع التزامات مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان "، وسردوا العديد من الأمثلة على ذلك .
خلاصة القول .. من الطبيعى ان يكون الشكر واجب للرئيس ، لأنه إنحاز للشعب ، وبدد الإحباط الذى طال كثر ، والذى مرجعه أننى لاأتصور أنه من المنطق والعقل والحصافه أن يتجاهل النواب ماأكد عليه خالد البلشى نقيب الصحفيين من أن الإعتراضات تتركز على 41 مادة تخالف الدستور، و44 مادة تحتاج لتعديلات جذرية ، مشيرًا إلى أن بعض المواد تمثل تهديدًا للعمل الصحفي ، كما شدد على ضرورة وقف مناقشة المشروع وفتح حوار مجتمعي حوله لضمان الحفاظ على ثقة المواطنين في نظام العدالة ، كما عبّر البلشي عن مخاوفه من تأثير القانون الجديد على حرية الصحافة ، إذ يتضمن المشروع نصين يمكن إستخدامهما لتقييد العمل الصحفي ، وهو ما يعارضه بشكل قاطع ، تبقى الحقيقه اليقينيه التى مؤداها أنه عندما ينحاز الرئيس للشعب نستشعر الأمان ، كما كنت أتمنى أن يتم التعامل بجديه مع الإعتراضات التى أبدتها النقابات المهنيه والتى جاءت متناغمه مع ماإنطلق منه إعتراضات الرئيس ، يتعاظم الألم لأن نفس المديح الذى قيل بحق مواد مشروع القانون ، قيل بحق الرئيس عندما إعترض على نفس المواد ، خاصة وأن الإعتراضات كان منطلقها قانونى لكنه الواقع المؤلم الذى يجب تغيير نهجه لترسيخ المصداقيه .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .