الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب :”العوضي يفجر مفاجأة حول قانون الإيجارات القديمة... وتوجيهات رئاسية تعيد الطمأنينة للملايين”

في توقيت حساس تتزايد فيه المخاوف بشأن مصير الإيجارات القديمة، فجّر المحامي وعضو لجنة العفو الرئاسي، طارق العوضي، مفاجأة من العيار الثقيل عندما أعلن عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي عن توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بـ"إعادة تقييم مشروع قانون الإيجارات"، وعدم طرد أي مستأجر، ومراجعة الحد الأقصى للقيمة الإيجارية.
الرسالة أحدثت حالة من الارتياح لدى قطاع كبير من المواطنين، لكنها في الوقت نفسه أثارت موجة من التساؤلات والتأويلات، خصوصًا في ظل غياب بيان رسمي صادر عن الجهات المعنية حتى لحظة كتابة هذا المقال.
توجيهات مطمئنة... ورسائل بحاجة لتوضيح
التوجيهات المنسوبة للرئيس السيسي – بحسب ما أعلنه العوضي – تعكس حرصًا واضحًا من القيادة السياسية على تجنب أي قرارات قد تؤدي إلى تشريد الأسر أو زعزعة الاستقرار المجتمعي. وهي ليست المرة الأولى التي يُظهر فيها الرئيس حسًّا اجتماعيًا عاليًا في القضايا المتصلة بحياة المواطنين اليومية.
لكن رغم أهمية ما جاء في المنشور، إلا أن غياب التفاصيل أو التوضيح الرسمي أديا إلى حالة من البلبلة، خصوصًا لدى الملاك الذين ينتظرون منذ سنوات معالجة ما يرونه خللًا في التوازن القانوني بين حقوقهم وحقوق المستأجرين.
أصحاب العقارات: "لسنا ضد الاستقرار.. لكن نطالب بالعدالة"
في المقابل، عبّر العديد من ملاك العقارات القديمة عن شعورهم بالقلق بعد تداول هذا المنشور، معتبرين أنه أعادهم إلى نقطة الصفر بعد سنوات من انتظار حل جذري ينصفهم.
وأكد بعضهم أن المسألة ليست حربًا ضد المستأجرين، بل مطلب عادل باستعادة حقوقهم التي تعطلت منذ عقود. يقول أحدهم نحن لا نطلب طرد أحد، ولكن نريد أن يُنظر إلينا باعتبارنا مواطنين أيضًا لنا حقوق، وتعبنا من تحمل تكاليف عقارات لا نحصل منها إلا على جنيهات لا تكفي ثمن زجاجة ماء."
وأضاف آخر،نحن مع الدولة في الحفاظ على الاستقرار، لكن يجب أن يكون الحل وسطًا. لا نريد الظلم للمستأجر، ولا نريده لنا أيضًا، ويجمع معظمهم على أن الحل يجب أن يكون تدريجيًا، منصفًا، وقائمًا على الحوار، لا على قرارات فردية أو مفاجآت عبر منصات التواصل الاجتماعي.
قانون حساس يحتاج إلى حوار لا قرارات منفردة
قانون الإيجارات القديمة لا يمكن التعامل معه بمعزل عن الواقع الاجتماعي، فهو يمس ملايين المواطنين سواء من طرف الملاك أو المستأجرين. وبالتالي، فإن أي خطوة تشريعية تجاه هذا القانون لا بد أن تُبنى على أساس من الحوار المجتمعي والتشاور مع المختصين.
المعادلة شديدة الحساسية: كيف يمكن إنصاف المالك دون الإضرار بالمستأجر؟ وكيف يمكن إصلاح التشوهات القديمة دون المساس بحق السكن أو الكرامة الإنسانية؟ هنا تكمن صعوبة الموقف، وهنا تظهر أهمية التدرج والمرونة في اتخاذ القرار.
هل ما أُعلن يمثل موقف الدولة الرسمي؟
ما صرح به المحامي طارق العوضي، رغم ما يحمله من رسائل طمأنة، لا يُعد إعلانًا تشريعيًا أو حكوميًا رسميًا، بل هو – في أقصى التقديرات – نقل عن مصادر مطلعة أو اجتهاد في قراءة المشهد، ومن هنا فإن مسؤولية التأكيد أو النفي تقع على عاتق الجهات التشريعية والتنفيذية المختصة، وهي الوحيدة القادرة على تحويل التوجيهات إلى قرارات قابلة للتطبيق.
ما المطلوب الآن؟
إصدار بيان رسمي واضح من الحكومة أو البرلمان بشأن ما تم تداوله، ضمان أن يكون أي تعديل قانوني تدريجيًا ومدروسًا، لا يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية،التأكيد على أن الكرامة الإنسانية وحق السكن من الثوابت التي لا تُمس.
كلمة أخيرة
القضية تستحق كل هذا الاهتمام، بل تستحق ما هو أكثر من ذلك. لكنها أيضًا تتطلب من الجميع الهدوء والتريث حتى تتضح الرؤية الرسمية. فالفارق كبير بين نوايا طيبة ومعلنة، وبين سياسات وتشريعات متكاملة تُطبق على أرض الواقع.
وإذا كانت الدولة – ممثلة في رئيسها – قد وجهت بإعادة النظر في هذا الملف الشائك، فالمأمول أن تكون تلك التوجيهات بداية طريق جديد نحو العدالة والاتزان، لا بوابة جديدة للفوضى أو الخوف.