الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : ”في برلمان العدالة الغائبة... الملاك أعداء الشعب!”

إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب نرجوكم... أعيدوا التوازن والعدل قبل أن يصبح البرلمان طرفًا في الظلم!
فى مشهد يعكس بوضوح اختلال ميزان العدالة الاجتماعية ،داخل قبة البرلمان، خرجت الأغلبية الكاسحة من النواب تدافع عن المستأجرين في مناقشات قانون الإيجارات القديمة، وتكيل لهم أوصافًا من قبيل "الضعفاء" و"المساكين" و"المطحونين"، بينما تم تصوير الملاك وورثتهم وكأنهم طبقة مستغِلة، جمعوا الأموال من الفقراء، وبنوا العمارات على حساب الشعب، والآن يطالبون بحقوق لا يستحقونها!
اللافت أن كل نائب تقريبًا وقف ليتحدث عن المستأجرين، وكأن البرلمان ليس فيه نائب واحد يرى أن هناك مأساة إنسانية تعيشها آلاف الأسر من ورثة الملاك الذين لا يملكون الآن حتى أجرة "توكتوك"!
ناس ورثت منازل ومحلات وشقق، لكنها لا تستطيع أن تدخلها، ولا أن تتصرف فيها، ولا أن تحصل على ما يوازي قيمة فنجان قهوة من إيجارها الشهري، وفي المقابل تسمع من نائب الشعب أن "كفاية عليهم اللي خدوه زمان"!
%99 من النواب... لا شفقة ولا إنصاف!
ما يقرب من 99% من نواب البرلمان لا تأخذهم أي شفقة أو رحمة تجاه المالك أو ورثته، وكأنهم ارتكبوا جرمًا تاريخيًا لا يُغتفر!
في عيون هؤلاء النواب، المالك لا يملك الحق في المطالبة بحقه، ولا الوريث يجوز له أن يحلم بثمرة ما تركه له أبيه أو جده.
للأسف، يبدو أن هؤلاء النواب لا يرون في المالك سوى صورة مشوهة رسمتها سنوات من الشعارات الجوفاء، غني متسلط، جشع، مستغل،رغم ان أكثرهم من اصحاب المهن البسيطة كالنقاش، والحلاق ،والكهربائئ،وغيرها من المهن، ليكون العقار لة معاشاً حين يكبر فى السن ولا يستطيع العمل
الحقيقة هي أن الآلاف من ورثة الملاك الآن يعيشون على الهامش، محرومين من أبسط مقومات الحياة الكريمة، فقط لأن لديهم "عقارًا مؤجرًا قديمًا"!
ومع دخولنا موسم الانتخابات البرلمانية والشيوخ، فإن العدالة تزداد غيابًا، والحسابات الانتخابية تطغى على أي منطق أو ضمير.
الكل "يعازل" الأغلبية العددية من المستأجرين، طمعًا في أصواتهم، وتُترك الأقلية من الملاك والورثة يصرخون في وادٍ لا يسمعه أحد!
استغلال اسم القيادة السياسية... لعبة رخيصة على حساب الملاك
ولعل الأخطر من كل ذلك، أن الكثير من النواب باتوا يستغلون اسم القيادة السياسية في هذا الملف، مدّعين أن هناك "توجيهات عليا" بعدم الاقتراب من قانون الإيجارات القديمة، أو أن هناك رغبة رئاسية في إبقاء الوضع كما هو عليه!
وهنا يجب أن نتوقف ونسأل:
هل من المقبول أن يُزج باسم القيادة السياسية في ملف لم يُحسم بعد، ويُستخدم كـ"فزاعة" لإسكات الملاك وورثتهم، وكأن الدولة ضدهم؟
الرئيس عبد الفتاح السيسي تحدث مرارًا عن ضرورة تصحيح المسار وإعادة الحقوق لأصحابها، فهل يُعقل أن يتم تحريف ذلك وتحويله إلى تبرير لمزيد من الظلم؟!
إن استغلال اسم القيادة في تبرير العجز عن المواجهة أو الهروب من اتخاذ قرارات عادلة، هو نوع من الخداع السياسي، لا يليق بمن يصفون أنفسهم بأنهم "نواب عن الشعب".
رسالة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي: أعيدوا التوازن قبل أن يفلت الميزان!
في ظل هذا الانحراف الخطير داخل البرلمان، لا بد من وقفة جادة من رأس المؤسسة التشريعية، نخاطب هنا المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، صاحب الضمير القضائي والمكانة القانونية الرفيعة، وندعوه أن يتدخل بحسم لإعادة التوازن إلى هذا الملف الذي تم اختطافه سياسيًا وشعبويًا.
نريده أن يقف على مسافة واحدة من الجميع، وأن يعيد صوت العقل والحكمة إلى قاعة أصبح فيها العدل منحازًا، والحق منسيًا، والميزان مائلًا.
الملاك وورثتهم لا يطلبون سوى حقوقهم، لا يريدون انتقامًا ولا تشفيًا، فقط إنصافًا حقيقيًا من مؤسسة كان يجب أن تكون الحصن الحامي للمواطن، لا سيفًا عليه.