تهامي كرم يكتب:إلى سيادة محافظ المنيا… هيبة التعليم تبدأ من هيبة قائده”

سيادة محافظ المنيا،
نحترم غيرتكم على الانضباط، ونقدّر حرصكم على استغلال كل مساحة لصالح الطلاب، لكننا نذكّركم أن كرامة مدير المدرسة ليست جدارًا يُهدَم أو مكتبًا يُنقل. المدير ليس موظفًا عابرًا، بل هو قائد الميدان التربوي، بوابة العلم، وعنوان المدرسة أمام المجتمع. مكتبه ليس ترفًا، بل هو مكان استقبالٍ يليق بولي الأمر الفلاح البسيط كما يليق بالمسؤول رفيع المنصب، وكلاهما يجد فيه هيبة المؤسسة ورونق القيادة.
سيادة محافظ المنيا،
المعلّمون ومديرو المدارس اليوم يواجهون موجات متلاحقة من الإهانة والاستهانة، تُلقى في العلن، وتُسمع على الملأ، بينما مشكلاتهم تُدفن في الصمت. ولأن النقابة التي يُفترض أن تكون الحصن المنيع أصبحت لجنة معيّنة بقرارات فوقية، فقد صارت تخشى على الكراسي أكثر مما تخشى على الكرامة، وتخاف على المناصب أكثر مما تخاف على المعلم. إنها لجنة تسيير أعمال، لا تسيير كرامة!
سيادة محافظ المنيا،
حتى لجنة التعليم في مجلس النواب — التي يُفترض أن تكون السيف والدرع لقضايا التعليم — تكاد تخلو من أي معلم حقيقي من قلب الميدان، يعرف وجع السبورة، ويشعر بحرارة الفصل في الصيف وبرودته في الشتاء. لجنة بلا معلم، كفرس بلا فارس، أو كقلم بلا حبر؛ صوتها أجوف، وقراراتها باردة، وهموم الميدان لا تجد فيها مجرى ولا مستقرًّا.
سيادة محافظ المنيا،
إن استغلال المساحات لصالح الطلاب أمر محمود، لكن إذا جاء على حساب كرامة القيادة التربوية فهو هدم في قلب البناء. التعليم لا يُقاس بعدد المقاعد وحده، بل يُقاس بقدوة المعلم وهيبة المدير. فما جدوى إضافة فصل جديد إذا كان ثمنه كسر هيبة المدرسة؟ وما فائدة معمل حديث إذا كان المعلّم الذي سيدخله يشعر أنه مكسور الخاطر؟
سيادة محافظ المنيا،
كرامة المعلم هي العمود الفقري للتعليم، فإذا انحنى العمود انهار الجسد. وقد آن الأوان أن نتعامل مع هذا الملف بجدية لا تقل عن جدية المشروعات الإنشائية. ترميم النفوس مقدم على ترميم الجدران، وحفظ الهيبة أهم من حصر المقاعد.
سيادة محافظ المنيا،
هذا نداء من القلب، من أجل كل معلم في مصر: اتحدوا، وانتخبوا من بينكم من يكون صوتًا حرًا، لا يخشى على كرسي ولا يبيع الكرامة بثمن بخس. نريد نقابة حقيقية، منتخبة بإرادة المعلمين، تحمل آلامهم، وتنقل صوتهم إلى كل من يهمه الأمر. نريد لجنة تعليم في البرلمان تنبض بروح المعلم، وتدافع عن حقه، وتكون سيفه ودرعه، لا مكتبًا صامتًا يوقّع الأوراق.
سيادة محافظ المنيا،
قد نختلف في الرأي، لكننا نتفق أن التعليم هو أساس الوطن، وأن صون كرامة المعلم هو الخطوة الأولى نحو أي إصلاح حقيقي. فلتكن رسالتكم القادمة للميدان رسالة دعم وهيبة، لا رسالة خصم وانتقاص. حين يقف المعلم شامخًا، يقف الوطن كله على قدميه.