محمد سلماوي: الأديب ليس عرّافاً لكن الكتابة الصادقة تستشرف المستقبل
أكد الكاتب والروائي المصري محمد سلماوي، شخصية العام الثقافية للدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أن اختياره لهذا التكريم يمثل تقديراً لمسيرة حياة امتدت لعقود طويلة في خدمة الأدب والثقافة، معرباً عن سعادته بأن يأتي هذا التقدير من الشارقة، التي وصفها بأنها "أحد أهم عواصم الثقافة في الوطن العربي بفضل الجهود التنموية البناءة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة"، مشيراً إلى أن الثقافة التي اختارها سموه منهجاً للحياة في الشارقة تمثل اليوم ما يحتاجه العالم العربي لصون هويته الجامعة التي باتت مهددة على أكثر من مستوى.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان "محمد سلماوي... سيرة ومسيرة" أدارتها الإعلامية منى الرئيسي، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب في مركز إكسبو الشارقة تحت شعار "بينك وبين الكتاب"، ويستمر حتى 16 نوفمبر الجاري.
وتناول سلماوي خلال الجلسة مسيرته بين الأدب والصحافة، موضحاً أن دراسته للأدب الإنجليزي لم تكن توجهاً نحو ثقافة بعينها بقدر ما كانت وسيلة لفهم البناء الأدبي والمدارس النقدية المختلفة، لكنه تساءل حينها: "هل سأمضي حياتي أدرّس الأدب الإنجليزي في الجامعة بينما يعاني المجتمع من قضايا أكثر إلحاحاً؟"، مشيراً إلى أن هذه التساؤلات غيّرت مجرى حياته حين التقى محمد حسنين هيكل الذي عرض عليه فرصة عمل، فوجد فيها الفرصة التي تجمع بين الفكر والواقع الذي كان يسعى إلى المساهمة في صناعته.
وقال سلماوي: إن "الكلمة سلاح الصحفي والأديب في نفس الوقت، ولكنها كلمة مختلفة"، موضحاً أن الصحفي ينقل الواقع في لحظته بينما الأديب ينظر إلى الأحداث نظرة تأملية وشمولية".
وتحدث سلماوي عن التحولات التي شهدتها الصحافة منذ سبعينيات القرن الماضي، موضحاً أنها لم تعد المصدر الأول للأخبار مع وسائل الإعلام الرقمية، وأن بعض الدراسات تقول إن 80% من القراء يعرفون الخبر قبل أن يقرأوه في الصحف. وقال: "هذا الواقع فرض على الصحافة أن تتطور من مجرد نقل الخبر إلى تقديم التحليل والمقال السردي الذي يفسر الأحداث ويمنحها المعنى". وأضاف: "وسائل التواصل الاجتماعي جعلت الإعلام أكثر حرية، مستشهداً بالقضية الفلسطينية، التي عرف العالم عدالتها بسبب الإعلام الجديد، الذي أزال سيطرة الإعلام الرسمي على الوعي الجمعي في الغرب".
وحول علاقة الأدب بالتنبؤ، أوضح سلماوي أن الكاتب المسرحي أو الروائي لا يسعى إلى التنبؤ عن قصد، وإنما يستشرف المستقبل من خلال رؤيته الشاملة للحياة. وقال: "الأديب ليس عرّافاً، لكنه يكتب من وعيٍ متأملٍ يتجاوز اللحظة الراهنة، فينتهي الأمر أحياناً بأن تتطابق رؤيته مع ما يحدث لاحقاً في الواقع"، مستشهداً بأن كثيراً من الاختراعات العلمية – مثل الغواصة أو السفر إلى الفضاء – ظهرت أولاً في أدب الخيال العلمي قبل أن تتحقق فعلاً.
وأوضح سلماوي أن الكاتب يعيش مع كل عمل جديد إحساساً بأنه الأهم في مسيرته، قائلاً: إن كل عمل أدبي يشرع في كتابته يشعر أنه سيكون صاحب الأثر الأكبر في حياته وفي الساحة الأدبية، لكن هذا الشعور لا يلبث أن يقوده إلى عمل جديد، فيتجدد الحماس والدافع الإبداعي من جديد. وأضاف أن الأديب قد يظن أحياناً أنه سيتوقف عن الكتابة بعد إنجاز عمل يعتقد أنه سيحدث ضجة عالمية، غير أن وهج الفكرة التالية يعيده دائماً إلى الورق ليبدأ رحلة جديدة من الإبداع.





















