الكاتب الصحفى محمود نفادى يكتب :فى حب مصر… حين تنطق القلوب قبل الأقلام
فى لحظة صدق، حين تسكت الضوضاء وتخفت أصوات الدنيا، يبقى صوت واحد لا يمكن تجاهله… صوت الوطن. مصر ليست مجرد بقعة على خريطة، ولا تاريخًا يُدرَّس، ولا راية تخفق فى المناسبات، مصر حالة عشق… حالة انتماء… حالة من الولاء اللى ما يعرفهاش إلا اللى اتربّى فى ترابها وشاف نورها وتنفّس هواها.
فى حب مصر، لا نبحث عن كلمات منمّقة ولا شعارات محفوظة، فالمشاعر فيها لا تُصنع، بل تولد فى القلب تلقائيًا. مصر هى الأم التى تحتضن أبناءها مهما اختلفت طباعهم ومهما تباينت آراؤهم، وهى اليد التى تمتد قبل أن تطلب، والضل الذى تستظل به حين تشتد حرارة الأيام.
مصر التى علمت العالم معنى الدولة، وقدّمت للعالم حضارة تشهد عليها الحجارة قبل البشر، هى نفسها مصر التى نقف اليوم أمامها بدهشة وهى تحارب، وتبنى، وتجدد نفسها رغم كل التحديات. مصر التى تنهض من فوق أوجاعها، وتعيد ترتيب صفوفها كلما حاولت الظروف أن تهزّها، مصر التى كلما ظن البعض أنها ستتعب… تفاجئهم بقدرتها على الحياة.
فى حب مصر نتذكر جنودها، أولئك الرجال الذين يقفون فى الخطوط الأولى لا ينامون إلا لتستيقظ البلاد آمنة. نتذكر شرطتها التى تجوب الشوارع دون توقف، تحمى البيوت وتؤمّن حياة المواطنين. ونتذكر الطبيب الذى يسهر بجوار المريض، والمعلم الذى يزرع فى عقول الصغار بذور المعرفة، والفلاح الذى يستيقظ قبل الشمس ليقدّم للبلد خيره من الأرض، والعامل الذى يحمل فى يديه حكاية عرق أكبر من كل الكلام.
فى حب مصر نتذكر قادتها الذين يحملون همّ الوطن فوق أكتافهم، يعرفون أن مصر دولة ليست ككل الدول، وأن مسؤوليتها أمام العالم تختلف، وأن دورها فى الإقليم أكبر من أن يتم تجاهله. نتذكر كيف تبنى مصر مشاريع عملاقة رغم الأزمات العالمية، كيف تتحدى الظروف الاقتصادية، وكيف تسعى جاهدة لتقديم حياة كريمة لأبنائها مهما كان الطريق طويلاً وصعبًا.
فى حب مصر نتذكر الصحفى الذى يكتب ليكشف الحقيقة ويحمي الوطن من الشائعات، والمهندس الذى يصمم، والعامل الذى ينفّذ، والمرأة المصرية التى تتحمل وتربى وتصنع أبطالاً. نتذكر الشباب الذين لا يفقدون الأمل، والذين كلما ضاقت الحياة قالوا: «هنعدّي… لأن دى بلدنا».
فى حب مصر ندرك أن الوطنية ليست صورة على «فيسبوك» ولا هاشتاجًا فى «تويتر»، الوطنية فعل… تضحية… التزام… وإيمان بأن البلد دى تستحق. فالوطن الذى أعطانا الكثير يحتاج بدوره لأن نعطيه، أن نحميه من الكارهين، وأن نقف معه حين يحتاج، وأن نفخر به مهما قست الظروف.
فى حب مصر نرفع رؤوسنا ونقول بكل فخر: هذه بلد لا تغيّرها الأزمات ولا تكسرها المؤامرات. بلد إذا غضبت صمدت، وإذا هددوها انتفضت، وإذا شككوا فيها صمتت… لكنها تعمل وتبنى وتثبت للعالم كل يوم أنها أم الدنيا بحق، وأم الكل مهما تعاقبت الأزمنة.
فى حب مصر نختم بكلمة واحدة، اللهم احفظ هذه الأرض وأهلها، واكتب لها الأمن والخير والاستقرار دائمًا وأبدًا.
























