الكاتب الصحفي جهاد عبد المنعم يكتب: انجاز عالمى جديد لمصر يضيفة قطاع الاتصالات
اليوم، تتقدم مصر خطوة نوعية على الخريطة الرقمية العالمية، لتؤكد مرة أخرى ريادتها في التحول الرقمي وإدارة الحكومة الرقمية بكفاءة عالية.
فقد أعلن الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عن القفزة الاستثنائية التي حققتها مصر في مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2025 الصادر عن البنك الدولي، حيث تقدمت مصر 47 مركزًا لتصل إلى المركز 22 عالميًا، صعودًا من المركز 69 في تقرير 2022، مع تعزيز مكانتها ضمن الفئة الأعلى عالميًا (أ)، وهو ما يضعها بين الدول الرائدة في هذا المجال.
إن هذا الإنجاز يعكس بوضوح نجاح مصر في تبني استراتيجية رقمية شاملة تقوم على ميكنة جميع العمليات الحكومية، وتحسين تقديم الخدمات الرقمية للمواطنين، وتطوير البنية التحتية الرقمية، بالإضافة إلى تبني سياسات وتشريعات داعمة للتحول الرقمي، مثل إطلاق سياسة البيانات المفتوحة التي تعزز الشفافية وتمكن المواطنين والقطاع الخاص من الوصول إلى المعلومات بسهولة.
القفزة التي حققتها مصر ليست مجرد أرقام، بل هي شهادة دولية على قدرة الدولة على إدارة التحول الرقمي بطريقة متكاملة، وهو ما يتضح من تقدم جميع محاور المؤشر الرئيسية. فقد ارتفعت نسبة النضج في محور دعم النظم الحكومية الأساسية (الميكنة) إلى 0.916 نقطة مقارنة بـ0.783 نقطة، فيما بلغ تقييم محور تقديم الخدمات الحكومية الرقمية 0.962 نقطة مقابل 0.795 نقطة، وزادت نسبة نضج محور المشاركة والتواصل الرقمي مع المواطنين إلى 0.896 نقطة مقارنة بـ0.626 نقطة، وسجل محور ممكنات الحكومة الرقمية ارتفاعًا ليصل إلى 0.869 نقطة مقارنة بـ0.802 نقطة في التقرير السابق.
هذا التحسن الشامل يوضح أن مصر نجحت في خلق بيئة حكومية رقمية متكاملة، تعتمد على التكنولوجيا الحديثة لتسهيل حياة المواطنين، وتحسين كفاءة الأداء الحكومي، ورفع مستوى الشفافية والمساءلة، وهو ما يجعل التحول الرقمي في مصر نموذجًا يحتذى به على مستوى المنطقة والعالم.
أحد أهم عوامل النجاح هو التركيز على العنصر البشري حيث أولت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اهتمامًا كبيرًا ببناء القدرات الرقمية للعاملين بالجهاز الإداري للدولة، من خلال برامج متكاملة لتأهيل الكوادر في مختلف التخصصات التكنولوجية، وتنمية مهاراتهم الرقمية، بما يضمن قدرتهم على استيعاب وتوظيف التقنيات الحديثة بكفاءة وفاعلية. هذا التركيز على العنصر البشري يضمن استمرار التحول الرقمي واستدامته، ويعزز قدرة المؤسسات الحكومية على تقديم خدمات رقمية مبتكرة ومتطورة.
كما أن الابتكار الرقمي أصبح جزءًا أساسيًا من استراتيجية الدولة، حيث أطلقت الوزارة مبادرات مثل "معمل الابتكار الحكومي" بمركز إبداع مصر الرقمية بالجيزة، بهدف دعم الشركات الناشئة والمبتكرة في مجال التكنولوجيا الحكومية، وتمكينها من تقديم حلول رقمية مبتكرة تُسهم في تحسين جودة الخدمات الحكومية وتسهيل وصولها إلى المواطنين. هذه المبادرات ليست مجرد دعم للشركات الناشئة، بل هي استثمار في القدرة التنافسية للدولة في مجال التكنولوجيا الرقمية على المستوى العالمي.
وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، حققت مصر قفزات غير مسبوقة في مؤشر نضج الحكومة الرقمية، حيث انتقلت من فئة الدول ذات الأداء المرتفع (ب) بنسبة نضج 0.649 عام 2020 إلى الفئة الأعلى (أ) بنسبة 0.751 عام 2022، قبل أن تصل هذا العام إلى نسبة نضج 0.911 نقطة، بمعدل تقدم 21.3%، وهو معدل نمو يعكس قوة التوجه الاستراتيجي للتحول الرقمي على مستوى الدولة ككل، ويضع مصر في مصاف الدول الرائدة عالميًا في هذا المجال.
هذا التقدم الرقمي له آثار اقتصادية مباشرة وواضحة، إذ يسهم في تحسين كفاءة الخدمات الحكومية وخفض تكاليف العمليات، ويزيد من الشفافية ويحد من الهدر الإداري، كما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار المحلي والأجنبي، ويجعل مصر وجهة رقمية جذابة للشركات العاملة في التكنولوجيا والخدمات الرقمية، بما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة.
على المستوى المجتمعي، يوفر التحول الرقمي للمواطنين وصولًا أسرع وأسهل للخدمات، ويعزز قدرة الدولة على الاستجابة لاحتياجاتهم بكفاءة أكبر. فالحكومة الرقمية ليست مجرد منصة إلكترونية لتقديم الخدمات، بل هي أداة حقيقية لتسهيل الحياة اليومية، وتحقيق العدالة في توزيع الخدمات، وضمان حقوق المواطنين في جميع أنحاء الدولة.
ولا يمكن النظر إلى هذا الإنجاز بمعزل عن التطورات في البنية التحتية الرقمية، حيث عملت مصر على تطوير شبكات الإنترنت والاتصالات والبنية التحتية للبيانات، بما يضمن سرعة وكفاءة تقديم الخدمات الرقمية، واستقرار المنصات الحكومية، وقدرتها على التعامل مع أعداد كبيرة من المستخدمين دون أي تأخير.
إن الإنجاز الذي حققته مصر هذا العام في مؤشر نضج الحكومة الرقمية هو رسالة قوية للعالم بأن الدولة أصبحت نموذجًا رائدًا في التحول الرقمي، وأن جهودها لا تقتصر على تحسين الخدمات الحكومية فحسب، بل تمتد إلى بناء اقتصاد رقمي متكامل، وتعزيز الابتكار، وتمكين المواطنين، وتأهيل الكوادر، ورفع مستوى كفاءة مؤسسات الدولة.
وبالتالي، فإن هذا الإنجاز ليس مجرد نجاح في الأرقام، بل هو دليل على قدرة مصر على المنافسة عالميًا في المجال الرقمي، وتحقيق التنمية المستدامة من خلال التحول الرقمي الشامل، ويؤكد أن مستقبل الحكومة الرقمية في مصر سيكون نموذجًا يحتذى به على المستوى الإقليمي والدولي، مع انعكاسات إيجابية واضحة على الاقتصاد والمواطن والمجتمع ككل.
























