مستشار رئيس جهاز الإحصاء: الرقم القومى للعقار يقود الدولة لعصر الجمهورية الرقمية الجديدة

بعد إعلان مجلس النواب الموافقة على مشروع القانون المقدم من الحكومة بإنشاء قاعدة بيانات الرقم القومى الموحد للعقارات، ظهرت مجموعة من التساؤلات حول أهمية هذا القانون
كشف المهندس أحمد كامل مستشار رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية،فى تصريحات خاصه عن تطور فكرة الرقم القومى الموحد للعقارات، والتى بدأ التحضير لها عند إجراء التعداد السكانى لعام 2017.
وقال كامل: فى ذلك الوقت كان الجهاز يجرى التعداد الرقمى أو التعداد الإلكترونى لأول مرة فى مصر بالكامل على استمارة إلكترونية وعلى خريطة رقمية، والخريطة الرقمية هى خريطة بقواعد بيانات جغرافية وبيانات مكانية تغطى حضر وريف مصر والمجتمعات العمرانية الجديدة والمدن الجديدة كلها، ومن هنا ظهرت فكرة الرقم الموحد للمبانى والعقارات فى مصر بالكامل.
وأكد كامل، أنه خلال التعداد السكانى 2017 تم الانتهاء من رقم يتضمن البعد المكانى ولا يعتمد على التبعية الإدارية، بمعنى أنه رقم عقارى لا يعتمد على الوضع الإدارى أو الموقع الإدارى للعقار، نظرا للتغيرات الإدارية التى قد تحدث للمحافظات.
وأوضح «كامل» طبيعة التكنولوجيا المستخدمة فى تحديد الرقم القومى للعقار، وهى مجسم موحد يدعى «WGS84» وتعتمد عليه شركة جوجل وغيرها، ومن خلاله يتم وضع البعد المكانى فى رقم عقارى موحد ليصبح رقما فريدا من نوعه غير قابل للتكرار لكل العقارات فى مصر، سواء عقارات تابعة للدولة أو عقارات للمواطنين أو منشآت أو أراض فضاء مستغلة أو غير مستغلة.
ووصف كامل، هذا الرقم القومى بأنه عبارة عن 16 خانة يشبه الرقم القومى للمواطنين، ويحتوى على تعريف يشمل المكان الواقع فيه ونوع المبنى، واستخدامه وتبعية المبنى، والمقصود من عدم تكرار الرقم هو إزالة التشابه بين أسماء الشوارع والمناطق المتكررة فى أكثر من محافظة، ومن خلال هذا الرقم من الممكن التعرف على المعلومات القانونية، من بينها التعرف على الوضع القانونى للمبنى، والجهة التابع لها.
واعتبر كامل، أن الرقم القومى للعقار يقود الدولة لعصر المجتمع الرقمى والجمهورية الرقمية الجديدة، لأنه يمنع أى هامش خطأ فى التعامل مع العقار بأى شكل من الأشكال على مستوى الجمهورية، فكل ما يرتبط بالعقار أو المبنى أو الأرض مرتبط بهذا الرقم، وهو بيان غير قابل للتكرار، كما أنه مرتبط بقاعدة بيانات مركزية ضخمة ومسجل بها الموقع وتاريخ التعاقدات والملكيات التى تتابعت على العقار أو الديون المربوطة به «إن وجدت» منذ نشأة العقار وحتى الآن.
وتوقع كامل، أن يشهد التعداد السكانى عام 2027 مراجعة للعقارات بالجمهورية، ومطابقة الأرقام العقارية، ثم التحديث دوريا، على أن يتم بدء تطبيق المنظومة بعد الانتهاء من إعداد اللائحة التنفيذية، والمفترض الانتهاء منها خلال 6 أشهر، بالتعاون مع جهاز الإحصاء وبعض الجهات المعنية مثل وزارة الاتصالات، على أن يدخل القانون حيز التنفيذ خلال عام ونصف العام تقريبا بعد الانتهاء من اللائحة التنفيذية، يليها إعداد وإخراج الرقم القومى فى صورته النهائية والتوزيع على العقارات والمبانى بكل المحافظات والأقسام والشياخات والقرى.
ونظرا لأهمية هذه المنظومة ومردودها الاجتماعى والاقتصادى والتكنولوجى على المجتمع المصرى، فالدولة رأت أهمية صدور قانون مخصص لمنظومة قانون الرقم العقارى الموحد، فبعد الانتهاء من تحديث الخريطة بالكامل من المفترض أن تتولى الجهات ذات الولاية على الرقم العقارى الموحد مسؤولية إصداره، كما اكتسب الرقم الموحد بعد موافقة مجلس النواب بعدا قانونيا مهما.
كما أنه مع استكمال منظومة الرقم العقارى سيكون هو حلقة الوصل بين المواطن وجميع الجهات الإدارية للدولة، ولن يتم إدخال المرافق إلا بوجود الرقم، كما أنه مع اكتمال منظومة الرقم القومى للعقار سيتم مستقبلا إضافته على بطاقة الرقم القومى للمواطنين، ولكن هذه المرحلة سوف تستغرق وقتا أطول.
وأوضح «كامل» أن لوحة الرقم العقارى الموحد سيكون لها وضع قانونى محدد، نظرا لأهميتها كعنصر من عناصر قاعدة البيانات والمنظومة الكاملة، لذا ستُعامل معاملة الملكية العامة، ولوحة الرقم العقارى ممنوع إزالتها أو تغيير البيانات الموجودة عليها وفقا للقانون أو تغيير مكانها إلى مكان آخر، وهذه مسؤولية المحليات، كما أن القانون يفرض عقوبات على المواطن أو الشخص الذى يثبت تعمده تدمير اللوحة أو بيعها، من أجل الحافظ على هذه اللوحة، حتى لا تتكرر تجربة الأرقام التنظيمية الصغيرة التى كانت معلقة على المنازل، والتى كانت تزال وتهمل، بعكس اللوحات الجديدة التى ستكون مسؤولية المواطن بقوة القانون.
ويرى «كمال» أن القانون القومى للعقارات يخدم رؤية مصر 2030 فى نقطتين هامتين، أولها الحوكمة حيث يحتوى الرقم القومى للعقار على بيانات موحدة غير قابلة للتكرار، وهذا يقطع الطريق على الفساد والمحسوبيات، بحيث يصبح كل عقار موقفه واضح من التسجيل والخدمات الحكومية بالاعتماد على قاعدة بيانات غير قابلة للتغيير إلا من خلال الجهات المعنية ذات الصلة.
النقطة الثانية وهى الشفافية، حيث تتيح المنظومة الجديدة لكل من يرغب فى شراء عقار سواء داخل مصر أو فى خارج مصر الاستعلام عن هذا العقار بالكامل، من خلال بيان موثق ومراجع ومدقق، وبالتالى يعطى كل من يرغب فى الشراء فرصة التأكد من الموقف القانونى للعقار، ويقطع الطريق على محاولات التلاعب.
واعتبر مستشار جهاز الإحصاء، منظومة الرقم العقارى الموحد هى العمود الفقرى للتجارة الإلكترونية، وهذه خطوة مهمة جدا لأن مصر تعتبر من الدول الفقيرة جدا فى مجال التجارة الإلكترونية، لعدم وجود نظام عنونة رسمى أو نظام عنونة إلكترونى معتمد، وبالتالى توافر منظومة للأرقام العقارية الموحدة أو منظومة عنونة رسمية موثقة ومتوافرة على نظام إلكترونى يسهل وينمى التجارة الإلكترونية فى مصر.
كما يسهل حصول المواطنين على الخدمات العاجلة، وخاصة فى حالة الأزمات والكوارث والطوارئ، حيث يسهل الاستدلال على العقارات فى حال حدوث طوارئ مثل الحرائق أو الحاجة إلى وصول الإسعاف.
وأخيرا يحمل الرقم القومى للعقار أهمية كبيرة لخدمة جهود الدولة لتصدير العقار، حيث تتيح المنظومة الرقمية الجديدة لأى مواطن الدخول عليها خلال قاعدة البيانات للاستعلام والتعرف على المعلومات التى يرغب فيها سواء من داخل أو خارج مصر للمصرى وغير المصرى الراغب فى شراء عقار فى مصر أو الاستثمار فى مجال العقارات.
وتسمح قاعدة البيانات بالتعرف على بيانات المناطق العمرانية الجديدة أو منطقة من المناطق القديمة ومتابعة تاريخ العقار وموقفه القانونى وموقفه من التسجيل، وموقف صاحب العقار، والجهة المسؤولة صاحبة الولاية، هذه البيانات ستكون متاحة بمنتهى الشفافية وبمصداقية عالية جدا، وبالتالى يقطع الطريق على محاولات التلاعب فى مجال العقارات سواء المبانى المقامة أو الأراضى الفضاء.