الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : قانون العلاقة الإيجاريه رؤيه من واقع الحياه .

صدر قانون العلاقه الإيجاريه كما أرادت الحكومه ، بعد حاله من الإنقسام والتردى تعاظمت حين وجه رئيس البرلمان المستشار حنفى جبالى أول أمس فى الجلسه العامه للبرلمان نقدا لاذعا للحكومه ، مؤكدا على ضعف منتجها القانونى إلى الدرجه التى معها شارك النواب تأييدهم لنقده الذى وجهه للحكومه بالتصفيق والهتاف يحيا مصر ، ثم كانت الحسره بالأمس حين وافق على مشروع القانون من صفق من النواب أنفسهم لصراحة رئيس البرلمان ، ومابين جلسة التحفظات أول أمس ، وجلسة الإقرار أمس سواد الليل ، والتى بالتأكيد حدث فيها كثيرا جعلت النواب يوافقون على مشروع القانون بنفس الحماس الذى تجاوبوا فيه مع النقد الذى وجهه رئيس البرلمان للحكومه ، وسط ذهول كل المتابعين الذين رصدوا تصفيقهم لتحفظات رئيس مجلس النواب عليه ، وقناعتهم بما أكد عليه وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى فى الجلسه العامه للبرلمان ، بأن الحكومة لن تسمح بترك أي مواطن بلا مأوى ، مع اليقين أنه فى السبع سنوات سيختفى كثر عن المشهد أعضاء حكومه ، ونواب ، وسياسيين ، وجهابزه محللين ، يواكب ذلك أن الأزمات الإقتصاديه تتعمق وتتزايد والحكومه لايمكن أن تساعدها ظروفها الإقتصاديه لتحقيق ذلك .
يقينا .. أحترم كل من كان له رأى قوى من النواب فى مشروع القانون حتى وإن تبدد أمام ضجيج الأغلبيه ، رغم أن منطلقه حجيه وبيان ، تحيه لنواب المعارضه والمستقلين البالغ عددهم ٢٢ نائبا فقط الذين دافعوا عن الحق ، وكان لهم رأى يدركون تداعياته التى قد تعصف بمقعدهم النيابى ، ولاعزاء لنواب الأغلبيه الذين ٱثروا رضاء الحكومه على إقرار الحقيقه ، لهؤلاء النواب كل التحيه والتقدير ويجب أن يعرفهم الرأى العام ليدركوا أن الدنيا بخير ، وأنه مازال بوطننا الغالى رجالا بحق ، أحترم صاحب الرأى حتى ولو كان مخالفا لٱرائى ، أو مغايرا لقناعاتى ، لأنه لاشك منطق مايطرحه حجه يقينيه لديه ، أو قناعه ، أو تصور مبنى على قناعات وحجج منطقيه مقنعه ، لذا يقول به فى كل مكان أو منتدى ، ولاأحترم صاحب الرأى الرمادى ، الذى يمسك العصا من المنتصف ، لذا يقول الرأى فى مكان ونقيضه فى مكان ٱخر .
نعم الصمت فضيله .. حين يستقر اليقين بالعجز عن قول الحق ، وإقرار الحقيقه لإعتبارات كثيره تتعلق بالشخص ، ومايتعرض له من ضغوط قد تجعله فى مصاف المقهورين ، ورغم أن هناك تحفظات على تلك الرؤيه التى لاترسخ لقول الحق ، إلا أنها أفضل ملايين المرات من التصفيق للباطل ، هكذا ترسخت تلك الحقيقه لدى حين تابعت أداء النواب بشأن قانون الإيجارات الجديد لأنهم أمام الكاميرات كانوا مناضلين أشاوس ، معارضين أقوياء ، يؤكدون على دورهم الوطنى فى حماية أبناء الشعب من المستأجرين للشقق ، لكنهم فى جلسات البرلمان أمس وأول أمس والتى لاتذاع على الهواء ، أو حتى يتم بث تسجيلا لها وافقوا بحماس منقطع النظير تنفيذا للأوامر الصادره لهم .
أتصور أن النواب كان يمكن لهم الخروج بقانون غير ظالم للمستأجر والمؤجر معا ، وذلك من خلال البحث عن آليات تنفيذ لاتضر بطرف من الطرفين ، وأن يتضمن إصدار القانون سحب الشقق من الذين يثبت أنهم شيدوا منازل لهم وفورا حتى ولو كانت بإسم أبنائهم على سبيل التحايل ، لأن بقاء تلك الشقق تحت ولايتهم مغلقه ولهم عمارات هو الظلم بعينه للمالك الذى يبحث عن مأوى لاولاده الكبار ، أو أن الساكن الأصلى توفى وأصبح لكل من أبنائه سكن مستقل والشقه مغلقه ، دون ذلك رفع القيمه الإيجاريه فورا بما يناسب الحياه المجتمعيه فى هذا الزمان حيث يوجد شقق إيجارها خمسة عشر جنيها ، نعم خمسة عشرجنيها ، وفى نفس العماره شقق إيجار جديد قيمته أربعة ٱلاف جنيه ، فى المقابل يتعين أن يكون البعد الإنسانى منطلق أى مشروع قانون إنطلاقا من مراعاة الذين وصلوا لسن الشيخوخة من المستأجرين ، وليس لديهم مأوى بديل ، ولا مدخرات تواجه هذا التوحش فى سوق العقارات بأن يظلوا فى مساكنهم شريطة رفع القيمه الإيجاريه على أن تكون بنفس القيمه التى تتفق مع الوضع الحالى للإيجار ، وكأنهم سكان جدد ، بالقطع سيعينهم أبنائهم على تدبير ذلك ، وفى ذلك إستفاده للملاك ولهم ، لأنهم سيظلوا فى مساكنهم الذين قضوا بها عمرهم ، ومع الجيران الذين أصبحوا أهلهم ، والذكريات التى باتت جزءا من مكوناتها ، خاصة وأن من سيتبقى من الحكومه بعد سبع سنوات لن يستطيع أن يفى بتعهداتها فى تدبير مسكن لهم رغما عنهم للظروف الإقتصاديه الصعبه التى تتفاقم يوما بعد يوم ، وإن كان سنجده فى الأحراش وفى بيئه سكنيه لن يتوافق فى الإقامه بها المستأجرين ، خاصة ساكنى الأماكن العتيقه كمصر الجديده ، لاأعتقد أن أحدا سيختلف مع ماطرحت خاصة أصحاب المعالى النواب ، فى القلب منهم نواب الأغلبيه ، وقبلهم الحكومه لأن فيما طرحته تحقيقا للعداله المجتمعيه طبقا لما أتعايشه من أرض الواقع متناغما مع حياة البسطاء .
إنتابنى إحساس بالحسره أن حكومه بهذا القدر الذى صدروه لنا والذى أدرك مافيها من قامات ، سيكون مؤلم ألايكونوا أصحاب قرار ، ونوابا صدعوا أدمغتنا بالشعارات ، والصولات والجولات التى لاندرك حتى صداها ، وأغلبيه هى حزب وروافده من أحزاب حتى تلك التى من المفروض أنها تنتمى قديما للمعارضه ليس فيهم خبراء يضعوا لنا تصورا مقنعا لجموع الشعب ملاك ومستأجرين ، بحق الله أشعر بنعمة أن يكون لى رأى نابعا من ضميرى الوطنى ، الحمد لله الذى عافانى مماإبتلى به غيرى من النواب ، وجعلنى زاهدا حتى فى الحديث عن أى أمر يتعلق بالبرلمان ، ولولا أن تخصصى الصحفى فى الشئون السياسيه والبرلمانيه والأحزاب لإعترانى الصمت حفاظا على صحتى ، يبقى على الخبراء والمتخصصين وأصحاب القرار بالحكومه أن يخضعوا كل ماتم ويتم طرحه بشأن تلك القضيه وكافة القضايا للدراسة والتحليل ، حتى وإن كانوا قد أصدروا مشروع القانون الذى أعتقد أنه سيتعرض للطعن عليه فى المحكمه الدستوريه ، وهذا حق مشروع ألمح له بعض القانونيين من النواب ، أو يحدث له تعديلا قبل سبع سنوات لأن كثر من الحكومه والنواب لن يكونوا بالحكومه ولابالبرلمان ، أو إنتقلوا إلى رحاب الله طبقا لمشيئته ، وسيبقى ماحدث فى اليومين الماضيين وثيقه للتاريخ سيتوقف أمامها الباحثين كثيرا بالدراسه والتحليل وأوثقها اليوم بما أطرح من رؤيه .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .